إذا كنت أستاذا أو معلما ، فاقرأ هذه التدوينة...









من المفروض اليوم أن أكمل موضوع علاج التوتر والقلق ، لكن قصة إحدى تلامذتي أرعبتني وأوقفتني عن الكتابة .

سمعت القصة وهي تخرج مقطعة من بين شفتيها المبللة بدموعها ، واستوعبتها بصعوبة ، واستغربت لتصرف أستاذها ، ثم تساءلت هل ما زال بيننا ( نحن معشر الأساتذة والمعلمين ) من لم يستوعب معنى أنه أستاذ . لنرى ماذا جرى أولا ؟

بطلة القصة اليوم تلميذة تدرس بالباكلوريا ، وهي مقبلة إن شاء الله في نهاية هذه السنة على عالم جديد ، تحتاج فيه إلى كل دعم نفسي وتوجيه تربوي لتعتمد كليا على نفسها . دخلت كعادتها صباحا إلى أحد الأقسام واستقرت في مكانها فناداها الأستاذ باسمها وهو يحمل ورقة اختبار كانت قد اجتازته وتلاميذ القسم الأسبوع الماضي . ( ولأنها متفوقة ولأن الأستاذ يريدها أن تبقى كذلك وتزيد تحسنا ) وبَخها أمام التلاميذ توبيخا شديدا ، لأنها لم تحصل  على علامة جيدة .

وأنهى كلامه برسالة سلبية جدا حيث قال لها : " لا ، أنت لست تلميذة الباكلوريا ! أنت لست بمستوى تلميذة بالباكلوريا !!! "

كتمت المسكينة شعورها لأنها تلميذة مؤدبة ، وتوجهت الى مكانها بعد أن ألقت نظرة على القسم فوجدت ما يزيد عن 30 تلميذا وتلميذة ينظرون إليها مترقبين ردَة فعلها . إنتهى اليوم الدراسي وعادت المسكينة إلى البيت وألقت كتبها وبدأت في البكاء . صعب على أبويها تهدأتها فاتصلا بي وكان لي معها حوار  فهمت منه أنها قررت أن تجعل هذه السنة سنة بيضاء وستستعد كي تكون في السنة المقبلة أهلا لتلميذة في الباكلوريا .

لا تستغرب أخي القارئ فمن الناس ـ خصوصا الفتيات ـ من شعورهم رهيف جدا . ويتأثرون بكلمات بسيطة تصدر من أشخاص عاديين فما بالك بأستاذ أو أستاذة من المفروض أنها تعدَ قدوة لأغلب من في القسم . وهذه هي الرسالة التي أردت أن أوصلها لكل أستاذ ومعلم ، تلاميذك ـ ليس كلهم طبعا ـ يعتبرون كلامك لا رجعة فيه فاحذر ماذا تقول ، واجعل رسائلك إليهم دائما إيجابية .

فكم من جريح ودبيح وقتيل بسبب كلمة أنت قائلها ولم تلقي لها بالا . أنا لا أتحدث عن سفك الدماء بل ما تخلفه الكلمات والجمل في النفوس .

فالكلمة المشجعة لها وقع كبير جدا على نفوس التلاميذ والطلبة ، وهنا أتذكر قصة فتاة أخرى في السنة الماضية كانت عقب كل حصة تطلب مني دقيقة من وقتي على انفراد كي توصل لي نفس الفكرة بأساليب مخنلفة "  أنا خائفة أن أرسب هذه السنة ، وإن رسبت فسوف أنتحر !!!" تقولها والدموع تسيل بغزارة من عينيها . وكنت أجيبها دائما وبأساليب مختلفة :"أنني متأكد من أنك ستنجحين ". لم أفعل غير هذا ، فكل مرة كنت أؤكد لها أنني متيقن من نجاحها .

الذي وقع أنها جعلتني أول من تبشره بنجاحها ، وأصدقكم القول أنني كنت متأكد من رسوبها لأن مستواها كان  ضعيفا جدا وكانت منعدمة الثقة بنفسها . الذي وقع أنها صدقت فكرة أنها ستنجح وعاد إليها الأمل وعملت واجتهدت لتنجح .
ليس الغريب أنها نجحت لكن الغريب أنها الآن ذات ثقة كبيرة في نفسها ، تجادل  أساتذتها وتتشوف لتحصل على المراتب الأولى . لقد تيقنت عمليا - بعدما نجحت - أنها ليست فاشلة ، بل يمكنها أن تكون متفوقة .

وأريد أن أشير هنا بالذات إلى " مادام قد نجحت تلك الفتاة هذا النجاح الكبير ، وتفوقت على ظروفها وعلى نفسيتها المحطمة فيمكن لكل تلميذة وتلميذ وطالبة وطالب أن يفعلها "  كما أريد أن أقول لكل تلميذ " أستاذك احترمه اسأله استفذ منه شاوره لكن إن أحسست أن رسالة سلبية قد وصلتك منه فالغها مباشرة وقل في نفسك أنا متأكد أنني يوما ما سأصل إلى هدفي . وابحث عن الأساتذة الإيجابيين في طبعهم إن كنت تريد نصيحة أو استشارة فذلك أفضل لك "

وأعود إلى الأساتذة والمعلمين لأقول لنفسي ولهم : " مهنتنا أمانة وبضاعتنا رسائل شفاهية نضعها في عقول وقلوب هذا الجيل الصاعد فلنؤدَ أمانتنا على أفضل وجه لأننا غدا سنسأل ، ولندع مشاكلنا الشخصية خارج القسم ولانؤدي بها من لايستطيع حمل همها بعد "
واستسمحكم إخوتي في المهنة إن تجرأت عليكم ، لكن الأمر جلل .

ولمن كان يتساءل ماذا فعلت بطلة قصتنا ؟ لقد استطعت بفضل الله وبسلسلة من الأسئلة كانت تجيب عليها بنفسها ، أن أجعلها  تفهم أنها لم تخطئ وأن المخطأ هو أستاذها . وفهمت أن أستاذها إنما كان يخاف عليها لذى عاملها - دون أن يقصد جرح عواطفها - تلك المعاملة القاسية . وفي لحظات كانت تضحك بصوت عال فرحا ونسيت تلك الواقعة تماما وانصرف الأبوين والتلميذة المجتهذة شاكرين .

حمل نسختك المجانية من كتاب : كيف تعد  نفسك لتستعد لامتحان آخر السنة في 3 أيام ؟ 

هناك تعليقان (2):

  1. و لكن على الأستاذ أحيانا أن يحاول أن يخيف التلميذ لكي يجتهد لأن هناك نوع من التلاميذ لم يفهم بعد قيمة البكالوريا و يعتبروها مثل السنوات الماضية

    ردحذف

chammsdinn@gmail.com